بالتزامن مع الحرب الممتدة على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سمحت السلطات العمانية للمواطنين بالتظاهر دعمًا للقضية الفلسطينية؛ في إجراء أثار حالة من الجدل؛ اعتبره البعض محاولة لتزيين وجه السلطة التي طالما قمعت المتظاهرين ولم تسمح بحرية التظاهر داخل البلاد، واعتبره آخرون مؤشرًا إيجابيًا لانفراجة أو تغيير حقيقي للوضع الحقوقي داخل البلاد.
تقر الأمم المتحدة الحق لكل إنسان في حرية التجمع السلمي، والذي يشمل الحق في عقد الاجتماعات والاعتصامات والإضرابات والتجمعات والفعاليات والاحتجاجات؛ سواء عبر الإنترنت أو في الحياة الواقعية. وهذا الحق بمثابة أداة تيسّر ممارسة العديد من الحقوق الأخرى التي يكفلها القانون الدولي، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بها وتشكل مجتمعةً أساس المشاركة في الاحتجاجات السلمية؛ لا سيما الحق في حرية التعبير والحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة. إلا أن عمان، التي شهدت حراكًا واحتجاجات شعبية في 2011، لا تبدو السلطات فيها مع هذه الحقوق الأساسية للمواطنين؛ خاصة التي تقع تحت مظاهر التعبير عن الاعتراض.
تاريخ من القمع
شهدت عمان في 25 من فبراير/شباط 2011 حركة احتجاجات واسعة نادرة للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية في البلاد، خرجت من مدينة صلالة إلى صحار ثم العاصمة مسقط، شارك بها عشرات الآلاف بشكل سلمي تمامًا، ووجهت بحملة قمع شرسة أدت لمقتل شاب في بداية التظاهرات، لترتفع الحصيلة إلى 6 قتلى لاحقًا بحسب ما أوردته تقارير صحافية.
بالإضافة للقمع المفرط الذي مارسته قوات الأمن مع المتظاهرين، على حد تقدير منظمة هيومن رايتس وواتش، اعتقلت قوات الأمن المئات من المتظاهرين وكثر الاختفاء القسري للكثير منهم على مدى أشهر، والتعذيب ومحاكمة بعضهم في محاكم غير عادلة.
وبلغت الإجراءات القمعية ذروتها بموجة من الاعتقالات لعشرات من الكتاب والمدافعين عن حقوق الإنسان والقضاة والمتظاهرين السلميين، والنشطاء المؤيدين للديمقراطية، بدأت في نهاية شهر مايو 2012، ومازالت تلقي بظلالها على الفضاء العام في البلاد حتى اليوم.
ينص قانون العقوبات لعام 2018 على أحكام بالسجن والغرامات على الأفراد الذين يبادرون أو يشاركون في تجمع لأكثر من 10 أشخاص يهدد الأمن أو النظام العام، أو الذين لا يمتثلون للأمر الرسمي بالتفرق.
كما شهدت عمان في 26 مايو/آيار 2021 تظاهرات في مدينة صحار، وصفتها تقارير صحفية بالاحتجاجات النادرة، تعبيرًا عن وضع وإمكانات التظاهر السلمي في عمان، وخرجت هذه الاحتجاجات ضد البطالة وتردي الأوضاع الاقتصادية، بالأخص مع تبعات أزمة وباء كوفيد. وسبقها ما عرف إعلاميًا باحتجاجات البطالة في 2018 و2019.
ويقول مدير المركز العماني لحقوق الإنسان (منظمة مستقلة تنشط خارج عمان)، نبهان الحنشي لمواطن: “إن القانون لا يكفل حق التظاهر السلمي داخل السلطنة، وإن السلطات الأمنية تمارس أقسى أشكال العنف من المحتجين والمتظاهرين، لذلك لم تشهد البلاد احتجاجات معارضة منذ عام 2021”.
وينوه الحنشي، إلى أن القوانين المحلية تنص على عدم قانونية التظاهر؛ فقط التظاهرات المؤيدة للسلطة هي ما يسمح لها، ودون ذلك يتم التعامل معها بقسوة.
ضوابط مقيدة لحرية التظاهر
من جهته يرى السياسي، وعضو مجلس الشورى السابق، د.طالب المعمري أن العديد من الدول العربية اتجهت بعد ما يسمى بـالربيع العربي، نحو الحد من التظاهر أو تحريمه قانونيًا في كثير من الأحيان، إلا أن الحكومة في سلطنة عمان وضعت بعض الضوابط للتظاهر السلمي، ومن أبرزها أخذ إذن مسبق من السلطات بالسماح للتظاهر وفق ضوابط قانونية معينة، في أغلبها تقيد مسألة التظاهر السلمي أو إبداء الرأي العلني؛ فمثلاً لا يمنح الإذن لبعض الأشخاص ممن لهم حراك سياسي أو نقدي بالتظاهر السلمي بينما يمنح لآخرين.
كما أن القانون في سلطنة عمان يحدد التجمهر المعاقب عليه بـ 10 أشخاص، يمكن توجيه تهمة التجمهر وإخلال النظام العام لهم، وإن لم يقوموا بأية أعمال تدل على ذلك.. وفق ما ذكره المعمري.
كذلك ينوه السياسي العماني إلى أن القانون متشعب التأويل، ويساعد على الاجتهاد وربما استغلال بعض المواقف لمعاقبة أشخاص أبرياء، قد تقع اجتهادًا من أشخاص ربما لا تمثل النظام العام في مواقف كثيرة.
لكنه يرى أيضًا أن عمان أفضل بكثير في هذا المجال من بعض الدول المجاورة لها والمحيطة بها حيث المساحة المتاحة للتعبير عن الرأي، أكبر بكثير من تلك الدول التي لا يمكن لمواطنيها حتى البوح بكلمة قد تخالف توجهات النظام أو نقده ولو للصالح العام.
مملكة الصمت
التظاهر السلمي هو جريمة في السلطنة، استنادًا إلى المادة 137 من قانون الجزاء العماني التي جاء فيها: “يعاقب بالسجن من عشرة أيام إلى سنة أو بغرامة لا تجاوز خمسين ريالًا كل من اشترك في مكان عام بتجمهر خاص، مؤلف من 10 أشخاص على الأقل بقصد الشغب أو الإخلال بالأمن العام”.
وتشترط المادة 29 من الدستور العماني، السماح بحرية الرأي والتعبير بالالتزام بـ”حدود القانون”، المصطلح الذي يقيد أصلاً حرية التعبير ويضع المعارضين أمام طائلة القانون بحسب ما تراه السلطات مناسبًا، على حد تقدير خبراء ومراقبين. وتنص على أن “حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون”.
كما ينص قانون العقوبات لعام 2018 على أحكام بالسجن والغرامات على الأفراد الذين يبادرون أو يشاركون في تجمع لأكثر من 10 أشخاص يهدد الأمن أو النظام العام، أو الذين لا يمتثلون للأمر الرسمي بالتفرق. وتظهر الشرطة وهي ترتدي معدات مكافحة الشغب أثناء قيامها بالدورية وعند الرد على الاحتجاجات.
وهو ما يتنافى مع المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، و المادة 24 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان اللذين ينصان على حرية التعبير والتجمع السلمي.
لماذا لا تستجيب السلطات لمطالب فتح المجال العام؟
وحول عدم استجابة السلطات للمطالب المتكررة بإتاحة التظاهر كأحد أهم الحقوق العامة، يقول طالب المعمري: “إن الحريات ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمدى تطور المؤسسات المدينة ومدى توفرها واستقلالها عن النظام أو الحكومات، ووجود محاكم دستورية يمكنها البت في الخلاف الواقع بين الحكومات والمؤسسات المدنية لتكريس هيمنة القانون والسير في ركابه، ورد التجاوزات القانونية التي تقوم بها المؤسسات المختلفة؛ سواء كانت حكومية أو مدنية ممثلة للمجتمع المحلي”.
لذلك لا نرى إصلاحًا فعليا في القوانين في الدول التي لا تمتلك تلك المؤسسات، لأن القانون يأتي من جهة واحدة، وتلك الجهة ترى في القانون صفة الكمال، وأنها تحقق به الغاية من حفظ النظام في غياب جهة محايدة يمكنها الفصل بين المتنازعين. وفق حديث المعمري.
مواضيع ذات صلة
Oman’s Council Law: A Step Back in Political Reform and a Powerless Shura
ولا يتوقع مدير المركز العماني لحقوق الإنسان، أن تستجيب سلطات بلاده لأي دعوات تتعلق بفك الحصار عن حرية التظاهر أو تعديل القوانين، أو كف الرقابة الأمنية على المعارضة والنشطاء، إلا إذا ضمنت أن أي حشود قد تخرج للشارع ستكون مؤيدة لها.
توسيع إجراءات القمع
إمعانًا في إجراءات القمع والتضييق على الحريات العامة، أصدر سلطان عمان هيثم بن طارق مرسومًا سلطانيًا رقم 68/2022 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء في 20 من أكتوبر/تشرين أول 2022، وتضمن “فرض عقوبة السجن على من ينشر مهاجمًا السلطان وسلطته وأسرته وكذلك ولي العهد”.
كانت عُمان قد عدّلت عام 2018 قانون العقوبات على نحو زاد من تقييد الحقوق والحريات في البلاد؛ خاصة فيما يتعلق بحرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات. كما وظفت السلطات العمانية طوال السنوات الماضية قانون تنظيم الاتصالات العماني للعام 2022 وقانون مكافحة الجرائم الإلكتروني للعام 2011، لتقييد حرية التعبير عن الرأي وملاحقة النشطاء والصحافيين ومنتقدي السلطات، ومعاقبتهم بالحبس أو المنع من السفر أو التهديد وغيره.
واعتبر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن القانون الجديد الصادر في 2022 مقلق، ويمكن أن يوَظف للحد من حرية الرأي والتعبير وانتقاد السلطات الحاكمة، كما عده امتدادًا للقوانين العمانية الفضفاضة التي تقيد حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، وتستخدم لشرعنة استهداف النشطاء السلميين والصحافيين والمدونين ومنتقدي السلطات.
ويعقب الحنشي: “إن السلطات عادة ما توجه تهمة النيل من هيبة الدولة أو ممارسة التجمهر أو إثارة الشغب ضد كل من يعبر عن رأيه بكلمة أو بالتظاهر”.
ويصف المعمري آثار القمع والتضييق في حرية التعبير وإبداء الرأي ومشاركة الفكر على أي مجتمع بأنها كارثية، “ربما لا يمكن فحصها في اللحظة الآنية، ولكن تراكماتها المختلفة تؤدي إلى توسيع رقعة المعارضة، ويؤدي هذا بدوره إلى اتساع مساحة الصراع وأشكاله الاجتماعية، مما يضر كثيرًا بالاستقرار الاجتماعي الضروري لعملية النمو والبناء والتقدم والانشغال بحل الصراعات ومواجهتها، وصرف الوقت في ملاحقة المعارضين وقمعهم، مما سيؤدي في النهاية إلى وصول المجتمع للضعف المؤدي للانهيار والتشرذم”.
ويضيف، إن الاستماع للآخر وإعطائه الحرية في المشاركة الفاعلة في الفكر والتشريع والنقد وإبداء الرأي بالطرق السلمية، يدعو إلى الإحساس بالانتماء والاتحاد مهما اختلفت الآراء وتنوعت الأفكار وتعارضت الرؤى.
حرية التعبير ممنوعة
في تقريرها عن الحرية في العالم 2023، وصفت منظمة فريدم هاوس عمان بأنها “غير حرة”، مشيرة إلى أنها ملكية وراثية، وتتركز السلطة في يد السلطان، وخلص التقرير كذلك إلى أن جميع الحقوق السياسية والحريات المدنية مقيدة تقريبًا، مع فرض عقوبات جنائية على النقد والمعارضة.
تجرم المادة 116 من قانون الجزاء العماني تأسيس الأحزاب السياسية، ويسمح قانون 2014 بإسقاط الجنسية عن العمانيين الذين ينضمون إلى منظمات تعتبر ضارة بالمصالح الوطنية.
كذلك تفرض السلطات رقابة واسعة على وسائل الإعلام، ورغم أن هناك وسائل إعلام خاصة، بالإضافة إلى تلك التي تديرها الدولة، لكنها عادة ما تقبل الدعم الحكومي، وتمارس الرقابة الذاتية، وتواجه العقوبة إذا تجاوزت الخطوط الحمراء السياسية. وبحسب ما ورد في تقرير “فريدم هاوس” طُلب من وسائل الإعلام تجنب الإبلاغ عن المظاهرات التي جرت في عدة مدن في مايو 2021.
تتمتع الحكومة بسلطة واسعة لإغلاق المنافذ الإعلامية، وحجب المواقع الإلكترونية، وإلغاء التراخيص ومقاضاة الصحفيين بسبب انتهاكات المحتوى، وقد استخدمت هذه السلطة في مناسبات متعددة في السنوات الأخيرة.
في مارس/آذار 2021، منعت هيئة تنظيم الاتصالات العمانية الوصول إلى تطبيق وسائل التواصل الاجتماعي “Clubhouse”، بسبب عدم الحصول على “الترخيص المناسب”.
تمتد جهود الحكومة لقمع الأخبار والتعليقات المهمة إلى الأفراد النشطين عبر الإنترنت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. ليس ذلك فحسب؛ بل أفادت التقارير أن السلطات تراقب الاتصالات الشخصية، كما أن العدد المتزايد من الاعتقالات والاستجوابات وأحكام السجن المرتبطة بانتقاد الحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي، شجع الرقابة الذاتية بين المواطنين العاديين في السنوات الأخيرة.
القمع، لماذا؟
كثيرًا ما تُصوّرُ سلطنة عُمان على أنها واحة سلام؛ حيث يتمتّع نظام الحكم بالمناعة ضد المعارضة السياسية، ولكن هذه الادعاءات مبالغ فيها بالتأكيد، على حد تقدير ميرين جيدا الباحثة بقضايا الشرق الأوسط لمجلة نيوزويك إنترناشونال.
ويعزي نبهان الحنشي المحاذير التي تضعها السلطة في عمان أمام حق التظاهر إلى التخوفات السياسية من الأصوات المعارضة؛ في المقابل تسمح بمظاهرات الدعم والتأييد بشكل واسع، كون السلطة دائمًا ما تروج إلى أن العامة توافق على الأوضاع في عمان، وهو عكس الحقيقة.
“زد على ذلك، اهتمام السلطات بالسمعة الخارجية، وأن المواطنين متوافقون بالمطلق مع الأوضاع في عمان، وأن المختلفين معها لديهم أسباب أو مشاكل شخصية”. حسبما أضاف.
ربما تمثّل الاحتجاجات التحدّي الأساسي الذي يواجهه السلطان هيثم منذ تولّيه منصبه في كانون الثاني/يناير 2020. ويبدو أيضًا أنها محك اختبار جدّي لرؤية عُمان 2040، أي الخطة الإنمائية التي تسعى البلاد إلى تطبيقها خلال العقود المقبلة، والتي تهدف إلى ابتكار حلول مستدامة للتحديات الاقتصادية، والعمل على زيادة أعداد الوظائف في القطاع الخاص، بحسب جيمس وورال، المحاضر في الأمن الدولي في كلية السياسة والدراسات الدولية، جامعة ليدز، المملكة المتحدة .
لا يكفل القانون العماني حق التظاهر السلمي للمواطنين، وتبدو مظاهرات غزة استثناءً، لا تعكس انفراجة قريبة من وجهة نظر البعض، بينما يراها البعض خطوة يمكن البناء عليها، والتطور في طريق أكثر ديمقراطية.
وتستهدف سلطنة عُمان من خلال رؤية 2040 تنويع مصادر الدخل، بعد أن شكلت صادراتها النفطية 37% من الناتج المحلي الإجمالي، حتى نهاية سبتمبر 2018؛ فضلاً عن تمكين القطاع الخاص، بالإضافة إلى تحقيق تنمية متوازنة بين المناطق والمحافظات العُمانية. وهي رؤية تركز على الاقتصاد والتنمية بالأساس دون التطرق للحريات أو الحقوق العامة؛ ما يعني استمرار الإشكاليات المرتبطة بهذا الملف عالقة.
ماذا عن مظاهرات دعم غزة؟
يرى الصحافي العماني المختار الهنائي أن التعامل الأمني مع التظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية على مدار الأشهر الماضية يعكس مؤشرًا إيجابيًا حول حرية التعبير داخل السلطنة.
ويضيف لمواطن: “من خلال ما شاهدناه من تعامل السلطات الأمنية في عمان مع المتظاهرين والمحتجين، وجدنا بأنه لم تسجل أي حالة اعتداء على متظاهرين أو حبس أو حجز أو توقيف، وشخصيًا حضرت أكثر من عشر وقفات وتظاهرات، ولم أجد رجال الأمن سوى منظمين مداخل ومخارج تلك الأماكن”.
ويكمل: “بشكل عام، هناك رضى لمسناه من الشارع العماني في تعامل السلطة مع المتظاهرين والداعمين للقضية الفلسطينية، ويمارسون حريتهم في التظاهر في كل الأماكن، والمنع الوحيد هو التجمع والتظاهر في شارع السفارات”، ويعزو ذلك إلى موقع هذا الشارع ومساحته؛ حيث إنه يربط حي السفارات بحي الوزارات، وتوقف هذا الشارع يعطل الحركة المرورية في جميع الدوائر الحكومية والسفارات، ولم تمنع الجهات الأمنية التظاهرات بالقرب من هذا الشارع مثلما حدث في الميدان في شاطئ الصاروج على الواجهة البحرية. حد قول الهنائي.
يتفق معه إلى حد كبير طالب المعمري الذي يتوقع عملية إصلاحات جارية وقادمة قد تساعد على فتح مجال أرحب للحريات بشتى الطرق؛ منها التظاهر السلمي.
وينوه المعمري إلى أن العالم قد تغير، وأن بقاء الدول على نمط النظام التقليدي القديم بدا مستحيلاً، وأن مسايرة العالم في نظم الحياة التي تخدم حرية الإنسان، والتي تساعد على الاتساق بين الأنظمة وشعوبها أضحى أمرًا ملحًّا للغاية.
ويكمل: “هناك تغيرات ستحدث في المستقبل القريب تحتم على الأنظمة الالتحام مع شعوبها لمواجهة التحديات القادمة، والتي تحتاج من الأنظمة التفكير مليًا بأن الحل الوحيد للبقاء هو قوة المشاركة من الجميع، وأن الاستماع لصوت المواطن سيمنح الأنظمة مزيدًا من التقارب والتعاون، وسوف يحد كثيرًا من صوت المعارضة عندما يتحول ذلك الصوت بفعل تقديره والاستماع له إلى صوت يتسق مع النظام ويعينه على تحديات العصر ومشكلات الحياة الطارئة”.
“في الأحداث الأخيرة فعلاً لاحظنا تطورًا نوعيًا في ثقافة التظاهر السلمي في سلطنة عمان، قد تمنح المشرع مزيدًا من الثقة في منح مزيد من الحريات”. حسبما ختم حديثه.
من جهته يرفض نبهان الحنشي اعتبار تظاهرات نصرة غزة مؤشرًا إيجابيًا على فتح المجال العام في البلاد، ويقول: “طالما أن المظاهرات لا تنتقد السلطة ومحدودة في العدد والمكان؛ فلا ترى السلطة فيها أية مشكلة أو تخوف من أن تتحول إلى نشاط معاد لها؛ خاصة إذا ما أضفنا نقطة مهمة؛ وهي أن السلطات تستخدم مثل هذه المظاهرات لتقديم صورة مغايرة عن حقيقة الأوضاع في عمان فيما يخص حرية الرأي والتعبير”.
ختامًا، لا يكفل القانون العماني حق التظاهر السلمي للمواطنين، وتبدو مظاهرات غزة استثناءً، لا تعكس انفراجة قريبة من وجهة نظر البعض، بينما يراها البعض خطوة يمكن البناء عليها، والتطور في طريق أكثر ديمقراطية. إلا أن هناك اتفاق على كون الحريات تعاني من تضييق شديد في عمان.