يرى الدكتور سهيل دياب، القيادي في حزب الجبهة الديمقراطية – حزب عربي داخل إسرائيل – أن تل أبيب خسرت معركة أمام الفلسطينيين بعد الحرب الجارية على غزة؛ حيث أصبح الرأي العالمي يميل للرواية الفلسطينية بعد عقود طويلة من سيطرة الرواية الصهيونية، ويشير إلى أن الصراع بين الطرفين له ثلاثة جوانب رئيسة؛ هي الجغرافيا والديموغرافيا والسردية، وأن إسرائيل مازالت تسيطر على الجانب الجغرافي، وتمكنت من توسيعه في الفترة من 1948 حتى 1967، إلا أن الفلسطينيين يكسبون في معارك الديموغرافيا والسردية.
كما كشف “دياب” أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يصر على رفض حل الدولتين، لأنه يعلم أن هذا الأمر يعني وضع حد لمسيرته السياسية، وخلق واقع جديد لن يكون في صالح اليمين المتطرف وأنصاره.
الدكتور سهيل دياب، الناشط السياسي والنقابي والقيادي في حزب الجبهة الديمقراطية، حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة حيفا وجامعة يورك الامريكية، كما سبق له تولي منصب نائب رئيس بلدية الناصرة في الداخل المحتل.
وكان معه هذا الحوار:
كيف ترى جذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟
برأيي أن تاريخ الصراع، له ثلاثة جوانب أساسية، هم الجغرافيا والديموغرافيا والسردية، هذه الجوانب الثلاثة المركزية هي التي رافقت هذا الصراع خلال كل السنوات الماضية من قبل نكبة 48 وحتى الآن.
الصراع على هذه الأمور الثلاثة، على السردية الفلسطينية مقابل السردية الصهيونية، وعلى الديموغرافيا وتوزعها بين الفلسطينيين والمجتمع اليهودي، وعلى الجغرافيا؛ أي الأراضي التي يسيطر كل طرف ما.
شهدت فلسطين التاريخية العديد من الاحتلالات، منها الاحتلال التركي لمئات السنوات، بعد ذلك الانتداب البريطاني ثم نكبة 48، والفرق بين ما جرى في النكبة وما قبل ذلك من احتلالات أخرى، أن احتلال الحركات الصهيونية المتواجدة بفلسطين كان احتلالًا إحلاليًا، يستبدل المواطنين الأصليين على الأرض، وهذا الأمر تاريخيًا حدث في أماكن قليلة في العالم، مثل الهنود الحمر في الولايات المتحدة وفي كندا، ولكن غالبية الاحتلالات في العصر الحديث، كانت احتلالاً لأراضٍ ضمن سيطرة سياسية، وليس تغييرًا جذريًا في وضعية الجغرافيا والديموغرافيا والتراث والسردية والمشاهد التاريخية، وهدم مدن وقرى كاملة وصلت إلى 520 قرية في 1948.
وقاموا بتشريد كل السكان وقتل العديد منهم، وهدم كل الشواهد التاريخية مثل المساجد والمقابر والكنائس والمباني التاريخية وما إلى ذلك؛ فلذلك برأيي إذا أردنا أن نرى تطور وجذور القضية الفلسطينية والصراع الإسرائيلي؛ فعلينا أن نعرف هذه الحقائق، وأن هذا الاحتلال إحلالي، “بدهم يكونوا محلنا مش معنا“.
ما أبرز محطات تطور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟
هناك خمس محطات مركزية في هذا الصراع، 1948، 1967، 1987، 2008، 2023، توضح كيف تطور الصراع على الجغرافيا وعلى الديموغرافيا وعلى السردية، وإذا كانت مرحلة 48 بكل هذه المقاييس لصالح الحركات الصهيونية، وفي 1967 حدث تغير جلب فقدان الثقة لدى الشعب الفلسطيني، وما كان آمالًا مبنية في 48، لعل الفرج العربي يستطيع أن يصل إلى مبتغاه ويغير الصورة القاتمة، ولكن في الجانب الإسرائيلي كانت بداية مرحلة جديدة أظهرت الفوقية اليهودية بمقاييسها الفاشية، وبدء جذور اليمين الفاشي المتصاعد في إسرائيل.
وإذا أخذنا انتفاضة الحجارة في 1987 بالضفة الغربية، كانت بداية ولأول مرة بهذا الشكل يحدث تغيير في السردية العالمية لصالح القضية الفلسطينية من حيث السردية التاريخية، على حساب الهيمنة الصهيونية التي سادت سنوات طويلة، سبقها الكثير من الأحداث؛ منها ظهور ياسر عرفات في الأمم المتحدة 1974، وأحداث عديدة متتالية بنيوية وسياسية أدت إلى هذا المفصل، لكنها لم تؤثر على الجغرافيا، بمعنى أنه 1948 حتى الآن ما زالت الحركات الصهيونية والمؤسسة الصهيونية مسيطرة بمفهوم ربح الجغرافيا، ولكنها بدأت تخسر كثيرًا بنقطتين في الصراع على الديموغرافيا والسردية، ونرى الآن بعد 2023 وبعد 6 أشهر من العدوان على غزة، أن إسرائيل فقدت الهيمنة العالمية على السردية، وبدأ العالم يعي أنه لابد من حل القضية الفلسطينية حلًا عادلًا سياسيًا.
لماذا يرفض نتنياهو وفريقه من اليمين المتطرف حل الدولتين؟
هناك سببان، الأول هو أن نتنياهو تولى رئاسة الحكومة الأولى في 1996، وجاء وقتها على أرضية اتفاقيات أوسلو، بعد أن وصل المجتمع الإسرائيلي إلى صراع عميق بين ما يسمى الليبرالية الصهيونية وبين المجموعات اليمينية التلمودية والدينية، أدى هذا الصراع إلى أكثرية قليلة لصالح حكومة إسحاق رابين في ذلك الوقت، كان وقتها نتنياهو زعيمًا للمعارضة ورفض اتفاقيات أوسلو في الكنيست.
كل هذا الصراع كان نتيجة لتغيرات في داخل المجتمع الإسرائيلي منذ 1967، عندما بدأت بذور وجذور اليمين الديني والفاشي، وجرى في إسرائيل عمليتان متوازيتان؛ الأولى هي صهينة المتدينين في إسرائيل، والحريديم الذين كانوا لا يعتقدون بالصهيونية، وكانوا لا يؤمنون بها ومازالوا، وعملية ثانية موازية من الطرف الآخر؛ هي تديين الليبراليين، وبدأ المجتمع الإسرائيلي الوصول إلى تقارب بين الطرفين المتناقضين، إضافة إلى الاستعلاء والفوقية اليهودية التي تطورت كثيرًا وارتفعت بعد حرب 1967.
أدى هذا الأمر إلى أن نتنياهو يعرف ويعي أن المجتمع الإسرائيلي ذاهب إلى اليمين، وأنه إذا أراد أن يكون رئيسًا للحكومة فعليه أن يذهب مع التيار الجامع في داخل المجتمع الإسرائيلي. لذلك فالنقطة الأولى أن نتنياهو وصل إلى معرفة وقراءة حقيقية للمجتمع الإسرائيلي عندما أصبح رئيسًا للحكومة بعد اغتيال رابين من قبل متطرف يهودي في 1995، وكان أول رئيس وزراء يتم اغتياله لأسباب سياسية متعلقة بالقضية الفلسطينية مباشرة، وكان نتنياهو أحد الأشخاص المحرضين على قتل رابين، وهذا معروف في المجتمع الإسرائيلي.
أما السبب الثاني عند نتنياهو لموقفه بمعارضة القضية الفلسطينية فهو سياسي- انتخابي- شخصي؛ فمنذ 2018 حتى الانتخابات الأخيرة، لم ينجح نتنياهو خلال خمس جولات انتخابية كسب الأغلبية، ولم يبق أمامه سوى الهروب إلى الأمام، واستثمار التغييرات البنيوية، سياسيًا وانتخاببًا وشخصيًا، بواسطة طريق يميني فاشي لاهوتي مرتبط بالقضية الفلسطينية؛ فالموضوع الأساسي الذي من الممكن أن يجمع به جمهور العلمانيين اليميني، والجمهور التلمودي الفاشي، هو العداء للفلسطينيين وحقهم في تقرير المصير.
وما زال نتنياهو يتصرف بهذه الطريقة حتى اليوم، وصرح بعد صدمة 7 أكتوبر: “لا لدولة فلسطينية، لا للتعامل مع السلطة الفلسطينية، ولا لدولة حماسستان أو دولة فتحستان”، إنه يعرف أنه في اليوم الذي تتكون فيه دولة فلسطينية مستقلة، ويتم يحل هذا الصراع، لن يكون هناك مجال لارتفاع مواقف متطرفة تمكنه من البقاء في منصب رئيس الحكومة.
لا يوجد مواطنة في إسرائيل تساوي بين كل مواطنيها؛ بل هناك فروق على أساس العرق ثم الدين أو الأصل الجغرافي
برأيك، ماذا يعني إنهاء القضية الفلسطينية والوصول إلى حل الدولتين بالنسبة للداخل الإسرائيلي؟
سيؤدي حل الدولتين إلى أمرين، الأمر الأول هو بدء نهاية الحلم الصهيوني المتمثل في مواصلة احتلال الأرض، لأن إسرائيل لم تكتف بالأراضي التي احتلتها في 1948، ثم حاولت التوسع في 1967 عندما احتلت مزيدًا من الأراضي العربية، ونتنياهو يعرف أن حل الدولتين هو بداية النهاية للحلم الصهيوني.
وثانيًا، هو بداية نفور المتدينين، ووقتها سيكون لديهم خيارات؛ إما أن يذهبوا إلى تغيير وانقلاب في داخل المجتمع الإسرائيلي، أو أن يخرجوا خارج البلاد ولا يبقوا فيها بعد ذلك، وفي كلتا الحالتين وجد نتنياهو أنه لأسباب انتخابية شخصية متعلقة بإرادته أن يحافظ على سلطته ويجب رفض حل الدولتين.
هل أصبحت قرارات نتنياهو رهينة لمواقف وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش؟
نتنياهو بأي خيار هو ذاهب إلى التهلكة؛ سواء بهذه الحكومة أو بغيرها، ولنأخذ مثلاً صفقة تبادل الأسرى وإمكانية الوصول إلى هدنة، إذا وافق عليها نتنياهو سيخسر بن غفير في الحكومة، ومن الممكن أن تؤدي هذه الحكومة إلى نهايتها المحتومة، وإذا ذهب نتنياهو إلى الرأي الآخر ورفض الصفقة ومواصلة الحرب واجتياح رفح، سيواجه وقتها قضية خطيرة جدًا، وهي إمكانية توسيع هذا الصراع ليصبح إقليميًا، وهو أمر مرفوض أميركيًا وإقليميًا حتى الآن، ولكنه قد يذهب نحو هذا الخيار للحفاظ على وجوده كرئيس للحكومة. وهذا من الممكن أن يؤدي إلى سؤال كبير لمفهوم دولة إسرائيل، وهناك من يعتقد أن المغامرة بهذا الموضوع ستؤدي إلى خطورة وجودية على دولة إسرائيل.
ما وضع العرب داخل المجتمع الإسرائيلي؟
تعاني الجماهير الفلسطينية بإسرائيل منذ 48 من عدم المساواة والاضطهاد القومي؛ حيث كان هناك حكم عسكري من 1948 حتى 1966، وإذا كان الشخص يريد أن يذهب للعمل من مدينة الناصرة على سبيل المثال إلى حيفا، عليه أن يحصل على تصريح يومي، وعانى العرب من اضطهاد كبير، رغم أننا كمواطنين فلسطينيين في داخل إسرائيل وجزء من المواطنين الإسرائيليين نصوت للكنيست والسلطات المحلية، وباختصار كنا مختبر التجارب الأول للتعامل بين المؤسسة الإسرائيلية وبين المواطن الفلسطيني.
ولكن هذا أخذ منحى مختلفًا، كان هناك انفراج في أوائل السبعينيات، وتراجع في نهاية السبعينيات، وكان هناك انفراج بعد اتفاقيات أوسلو وحكومة رابين ثم حدث تراجع، وإذا أخذنا النقطة الفاصلة فيما يتعلق بفترة بنيامين نتنياهو كانت الأسوأ للعلاقات بين اليهود والعرب، عامة وبين المؤسسة الحاكمة والأقلية القومية بشكل خاص.
وشكل قانون القومية الذي سن في 2018 نقطة فارقة؛ حيث ينص على أن هذه الدولة هي دولة اليهود
هل هناك مواطنة داخل إسرائيل بين كل مكونات المجتمع؟ أو حتى مساواة داخل المجتمع اليهودي ذاته؟
لا يوجد مواطنة في إسرائيل تساوي بين كل مواطنيها؛ بل هناك فروق على أساس العرق ثم الدين أو الأصل الجغرافي “أشكناز سفارديم”، وبسبب عدم المساواة بين فئات المجتمع، كانت هناك انتفاضة 1958 في حيفا بين اليهود الشرقيين والغربيين سميت بأحداث “وادي الصليب” بحيفا، شهدت مظاهرات وحرق إطارات في الشوارع، وفي بداية السبعينيات ظهرت حركة “الفهود السود”، وترأسها شارلي بيتون وآخرون في القدس وفي المناطق الفقيرة لليهود الشرقيين في القدس، وقاموا بمظاهرات صاخبة، مما أدى إلى أن تصفهم جولدا مائير “بالأولاد السيئين”، بعد حدوث مظاهرات صاخبة ضد المؤسسة النازية الغربية التي أرادت السيطرة على سائر الطوائف الأخرى.
كما كان هناك مظاهرات غير مسبوقة مع الحريديم المتدينين حول قضية قانون التجنيد، وجرى نقاش هائل في المجتمع الإسرائيلي حول من هو اليهودي، ووصلت إلى اقتتال بالأيدي ومظاهرات وإغلاق شوارع وما إلى ذلك.
وإسرائيل اليوم يوجد بها تباين كبير، مثلاً هناك مجموعة سكانية كبيرة وصلت من روسيا في بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991 يقدرون بمليون يهودي، وهؤلاء حتى الآن يتحدثون بالروسية، ولهم مدارس وجرائد خاصة، ونمط حياة خاص بهم.
المجتمع الإسرائيلي بني بشكل قسري من حركة صهيونية أرادت أن توحد هذه المجموعات قسريًا تحت أمرين، الأمر الأول هو الفوقية لليهود الأشكناز الليبراليين الذين جاؤوا من الغرب، والذين أرادوا إقامة إطار ليبرالي في منطقة شرقية لها ضوابط وتراث آخر، والأمر الثاني هو الأمن، وحاولوا تخويف كل المجموعات من العدو الكبير؛ “العرب”.
هل يوجد تمييز على أساس العرق ضد العرب؛ سواء كان في التعليم أو في العمل داخل إسرائيل
هنالك 36 قانونًا كبيرًا يعبر بشكل واضح عن هذا التمييز، ومنهم أربعة قوانين أساسية؛ مثل قانون ما يسمى “حق العودة”، والذي ينص على أن “كل يهودي بالعالم يستطيع أن يحصل على الجنسية الإسرائيلية“، حتى لو كان خارج البلاد، وحتى ولو ظل يعيش خارج البلاد.
بينما في إسرائيل؛ فالعربي الذي يريد أن يحصل على الجنسية فعليه أن يثبت الولاء أولًا، ولا يمكن للعرب جمع شمل العائلات؛ فابنك الموجود في ألمانيا لا يمكن له الحصول على الجنسية؛ فالجنسية هي فقط لليهود.
الجمهور الفلسطيني في الداخل يعاني من أزمة قيادة عالية، ومن غير الممكن إجراء تغيير جذري في المجتمع الإسرائيلي دون جذب قوى تقدمية متنورة من المجتمع اليهودي، وهذا هو المخرج لكسر الهيمنة الفاشية المتطرفة
كيف ينظر عرب الداخل للمقاتلين العرب في صفوف الجيش الإسرائيلي؛ سواء الدروز أو البدو؟
أنا شخصيًا أنظر إليه بثلاث نقاط؛ النقطة الأولى “البدو”؛ فهم غير مجبرين للتجنيد بالجيش، لكن عددهم قليل جدًا وهم بتناقص كبير، وعددهم الإجمالي لا يتعدى 2500 شخص، بمعنى أن هذه ظاهرة جانبية لمجموعات معينة على أساس فردي، ولا يوجد حاضنة شعبية كبيرة تؤيد هذا الأمر، والكثير منهم يرى ذلك أيضًا مصدر رزق.
لكن هذا يختلف عن الطائفة الدرزية؛ حيث كان هناك توقيع من 15 زعيمًا طائفيًا بأوائل الخمسينيات للذهاب إلى الجيش، وحاول عدد من الحركات الوقوف ضد ذلك. ومنها “لجنة المبادرة الدرزية” وعشرات المظاهرات الأخرى، وقسم كبير منهم يرفض الخدمة الإجبارية ويحصل على إعفاء لأسباب وهمية.
ووصلت ذروة النقاش بين المؤسسة الدرزية والمؤسسة الحكومية في موضوعين، موضوع قانون القومية، مما يعني وضع موضوع الخدمة العسكرية على الطاولة، وجاء قانون القومية ليقول لهم أنتم بهذه النقطة عرب، أنتم بهذا فلسطينيون. ولم يحصل الدروز على أي شيء بعد ولائهم الكبير؛ فتطور القرى العربية الدرزية اليوم أقل من أي قرى عربية أخرى، من حيث التعليم والذهاب إلى الجامعات إلى آخره، والثاني هو معركة العام الماضي، على منع نصب المروحيات في الجولان السوري المحتل، والذي معظم سكانه من الطائفة الدرزية.
لذلك فالقانون القومي كان حدًا فاصلًا للعديد من المجموعات التي توهمت وراهنت على أنه “نحن مش لازم نحط راسنا بالحيط، وأنه مش لازم نشوف القضية، نحنا فلسطينيين وطنيين، إحنا بدنا نعيش نتفاهم مع النظام الموجود”، حتى الذين فكروا بهذه الطريقة لم يحصلوا على شيء.
هذا الموضوع آخذ في الوصول إلى استنتاجات بعيدة المدى، وهي أن الخطر هو خطر على الجميع، الفلسطينيين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، من البدو أو الدروز؛ خاصة بعد العدوان على غزة، هناك تصريحات واضحة بأن خطر الترانسفير للعرب في إسرائيل؛ سواء إلى لبنان أو إلى الأردن يشمل الجميع.
كيف ترى تمثيل العرب في الكنيست؟
نسبة العرب في الداخل هي 19% من نسبة السكان، و16.5% من عدد الناخبين، لأن المجتمع العربي نسبة الأطفال فيه أكبر من المجتمع اليهودي، وبالنسبة لنسبة الناخبين فمن المفترض أن يكون هناك 22 عضوًا عربيًا في الكنيست، وفي انتخابات 2015 وصل أعضاء البرلمان العرب إلى 15 عضوًا من الأحزاب العربية، إضافة إلى ثلاثة آخرين دخلوا على قوائم أحزاب صهيونية، وكان الأمر قريبًا من نصف تمثيل المصوتين.
هل أدى الخلاف العربي – العربي وانهيار القائمة المشتركة لتقليص عدد النواب العرب في الكنيست؟
منذ 2018 هناك دالة مرتفعة في الانشقاقات داخل القيادات العربية، تقدم المصالح الضيقة؛ سواء الفصائلية أو الإيديولوجية أو الطائفية أو العائلية، وهو أمر مدروس من المؤسسة الإسرائيلية لتفكيك المجتمع العربي في الداخل، ونجحوا في ذلك نسبيًا، كما أن هناك ضعفًا وتراجعًا كبيرًا للأحزاب السياسية للدفاع عن الانتماءات الضيقة، وهو ما سبب انشقاقات على المستوى النخبوي، ولكن أيضًا هناك تفكك تسبب فى غياب مشروع وطني شامل لكل الأطراف، وهو تراجع ليس على المستوى الانتخابي فقط؛ بل والنضالي أيضًا.
وبرأيي الجمهور الفلسطيني في الداخل يعاني من أزمة قيادة عالية، ومن غير الممكن إجراء تغيير جذري في المجتمع الإسرائيلي دون جذب قوى تقدمية متنورة من المجتمع اليهودي، وهذا هو المخرج لكسر الهيمنة الفاشية المتطرفة، مثل ما حدث مع حكومة رابين من 1992 حتى 1995، كان الأعضاء العرب وعددهم خمسة هم بيضة القبان، وأعطوا غطاء للحكومة للتوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين.