مع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، وتماشيًا مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي فرضتها الحرب، اضطرت شريحة كبيرة من الغزيين لتغيير أنماط حياتهم ومهنهم لتدبر أمورهم، والحصول على مصادر رزق لهم، بعيدًا عن مجالات أعمالهم السابقة.
وتسببت الحرب على غزة في تدمير عدد كبير من المصالح التجارية والصناعية، وتوقف العديد من الموظفين عن عملهم، مما أدى إلى فقدان الآلاف لمصادر دخلهم، حتى أجبر الكثير منهم على تغيير مهنهم؛ فأصبح المدرس بائعًا للخبز، والمهندس بائعًا للخضار، والمحاسب بائعًا للمشروبات الساخنة.
الإبداع من المعاناة
“المعاناة تجعل منك مبدعًا“، بهذه العبارة بدأ المدرس نظمي أبو فول (44 عامًا) من مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة حديثه لمواطن، ثم أضاف قائلًا: “توقفت عن استلام راتبي من المدرسة الخاصة التي كنت أعمل بها منذ أبريل/نيسان 2023م، وأصبحت مجبرًا على إيجاد عمل بديل حتى أتمكن من مواصلة إطعام عائلتي، بعد أن كبدتنا الحرب خسائر كبيرة، وتسببت في تركنا لمنازلنا بغزة”.
ويكمل: “لاحظت أن هناك معاناة كبيرة لدى السكان في توفير الخبز؛ فقررت أن أصنع فرنًا تقليديًا من الطين الأحمر، لصناعة الخبز وبيعه للزبائن؛ حيث لم أتوقع أن أعمل يومًا ما في هذه المهنة، التي فرضتها ظروف الحرب”.
ارتفعت نسبة الفقر إلى أكثر من 90% في غزة تزامنًا مع ظروف الحرب الكارثية، وفي وقتٍ توقفت فيه ما نسبته 95% من المنشآت الاقتصادية في قطاع غزة عن العمل تمامًا بسبب القصف والتدمير وحرب الإبادة، وهذا يأتي امتدادًا لـ 18 عامًا من الحصار المفروض على القطاع
يبدأ نظمي عمله يوميًا في تمام الساعة الرابعة فجرًا، يقوم بتحضير الدقيق والماء للبدء بمرحلة عجن الدقيق بشكل يدوي، ومن ثم تجهيزه لإدخاله للفرن، بعد أن يشعل النار بداخله بواسطة الخشب والنايلون وبقايا الورق والكرتون. يوضح: “يتم خبز نحو 500 رغيف يوميًا، بعد خمس ساعات من العمل المتواصل، ويتم التجول بها بداخل الشوارع والطرقات لبيعها للزبائن، ولا أعود أدراجي إلى منزلي إلا بعد بيع جميع الأرغفة، حتى لو اضطررت لبقائي طوال اليوم في الشوارع والطرقات”.
ويختم:”كثير من طلابي وزملائي يفاجؤون من عملى الجديد، لكنني لست خجولًا من هذا العمل الذي فرضته ظروف الحرب على شريحة واسعة من الغزيين، وأنا أفضل حالًا من زملاء لي يعملون حاليًا في مهن شاقة، أو باتوا عاطلين عن العمل كليًا”.
مهن بديلة
وعلى بسطة صغيرة تضم كميات متواضعة من الخضار والفواكه في سوق الخضار بدير البلح وسط قطاع غزة، يجلس المهندس المعماري رشدي النجار (39 عامًا) ينادى عليها لجلب الزبائن إليه لشرائها.
النجار كان يعمل مهندسًا في إحدى شركات المقاولات بغزة، ولكن مع نشوب الحرب توقف عمل هذه الشركة، وتوقف معها عمله والمئات من الموظفين، وبات لا مجال أمامه سوى البحث عن مهنة بديلة في ظل الظروف الاستثنائية الحرجة التي يمر بها قطاع غزة.
يضيف النجار بحسرة: “بحثت طوال أشهر عن مهنة مناسبة ولكن دون جدوى؛ فقررت خوض تجربتي الأولى والبدء بمشروع بيع المثلجات، وبعد فشل هذا المشروع قررت تجربة مشروعي الثاني لبيع البهارات والأعشاب، ولكنني توقفت عن استكمال كلا المشروعين للمردود المالي المحدود، إلى أن لجأت قبل ثلاثة أشهر لبيع الخضار والفواكه، وما زلت أعمل بها حتى اللحظة”.
ويوضح: “لم أتوقع يومًا ما أن أعمل في هذه المهنة، ولكنني اضطررت لذلك، لإيجاد بديل عن عملى السابق قبل الحرب مهما بلغت الظروف والتحديات، لكي أستطيع إعالة أسرتي؛ فقد دمرت الحرب كافة أوجه الحياة بغزة”.
يعتقد النجار بأنه محظوظ بسبب إيجاده عملًا،حتى وإن كان أقل من نصف راتبه الذي كان يتقاضاه قبل اندلاع الحرب، وأردف “لكنه أفضل من اللاشيء”. قبل أن يختم حديثه: “لست خجولًا من عملى هذا، والذي تسببت به ظروف الحرب، والتي ما زالت تكبدنا خسائر بشرية ومالية ونفسية كبيرة”.
بائع للمشروبات الساخنة
أما المحاسب أنس الشاعر (43 عامًا)، والذي نزح من شمال قطاع غزة إلى مخيم النصيرات وسط القطاع؛ فلم يجد بديلاً عن عمله في إحدى الشركات، والتي توقفت عن العمل فور اندلاع الحرب على غزة، سوى العمل بائعًا جائلاً للمشروبات الساخنة.
ويضيف: “انعدام الخيارات أمامي، ومحدودية فرص العمل، دفعني لشراء عربة لصناعة المشروبات الساخنة، لكي أستطيع تحمل تكاليف المعيشة؛ في ظل الارتفاع الجنوني لكافة السلع والمنتجات الغذائية”.
يشير: “بعد أن طال أمد الحرب، وأصبح لا أفق واضحًا لانتهائها؛ فكرت جديًا باستثمار ما تبقى لدي من مال مدخر، بعد أن أوشك على النفاد، للبدء بهذا المشروع، على الرغم من ربحه المتواضع، إلا أنه أفضل من اللاشيء”.
فقد القطاع 85.8% من قيمة إنتاجه أي ما يعادل 810 ملايين دولار أميركي خلال الأشهر الأربعة الأولى من الحرب". وأصبح اقتصاد غزة حاليًا يمثل 4.1% من إجمالي الاقتصاد الفلسطيني، بعد كان يمثل 16.7% قبل الحرب.
يتعاون أبناء الشاعر مع والدهم في بيع المشروبات الساخنة من الصباح الباكر حتى ما بعد مغيب الشمس يوميًا، في محاولة لتأمين أدنى متطلباتهم المعيشية. كما أوضح خاتمًا حديثه على طريقة غيره الذين تبدلت أحوالهم بسبب الحرب: “لم أتوقع إن أعمل يومًا ما في هذه المهنة، لكنها الحرب والتي ألحقت بنا أضرارًا متنوعة؛ فإن استطعت تأمين وجبة الغذاء، قد لا أتمكن من توفير العشاء لأبنائي، لصعوبة الظروف التي نعيشها كبقية السكان”.
ارتفاع معدلات البطالة والفقر
فقدت حوالي 507,000 وظيفة في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة في نهاية كانون الثاني/يناير 2024، وفقاً لتقديرات، صدرت في وقت سابق عن منظمة العمل الدولية والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. كما أشارت البيانات إلى أنه اعتبارًا من 31 كانون الثاني/يناير، تم فقدان حوالي 201,000 وظيفة في قطاع غزة بسبب الحرب، وهو ما يمثل حوالي ثلثي إجمالي العمالة في القطاع.
وبحسب تقرير نشرته وكالة الرأي الحكومية التابعة لحركة حماس بغزة؛ فقد بلغت نسبة البطالة في قطاع غزة 75% مع مطلع العام الجاري 2024م، مقارنة مع 46% قبل حرب الإبادة الجماعية؛ فيما فقد أكثر من 200 ألف شخص وظيفته خلال أول 3 شهور من الحرب، بينهم قرابة 5000 صياد أسماك؛ حيث يفرض جيش الاحتلال حصارًا خانقًا ويمنع الصيادين من الصيد في البحر؛ بل ويطلق النار عليهم ويقتلهم بشكل مباشر، وقد تكررت جرائم قتل الصيادين خلال حرب الإبادة ممن كانوا يبحثوا عن لقمة العيش.
وارتفعت نسبة الفقر إلى أكثر من 90% في غزة تزامنًا مع ظروف الحرب الكارثية، وفي وقتٍ توقفت فيه ما نسبته 95% من المنشآت الاقتصادية في قطاع غزة عن العمل تمامًا بسبب القصف والتدمير وحرب الإبادة، وهذا يأتي امتدادًا لـ 18 عامًا من الحصار المفروض على القطاع.
وتشير التوقعات، بحسب منظمة العمل الدولية، إلى أنه في ظل السيناريو نفسه، سينخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 16.1% وسينخفض الدخل للفرد بنسبة 18.0% في عام 2024 مقارنة بعام 2023. وستمثل هذه الأرقام الانخفاض الأكبر في معدلات النمو لكلا المؤشرين منذ أكثر من عقدين.
كما فقد القطاع 85.8% من قيمة إنتاجه أي ما يعادل 810 ملايين دولار أميركي خلال الأشهر الأربعة الأولى من الحرب”. وأصبح اقتصاد غزة حاليًا يمثل 4.1% من إجمالي الاقتصاد الفلسطيني، بعد كان يمثل 16.7% قبل الحرب.
وعن هذا قالت المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية د. ربا جرادات: “أن الخسائر الفادحة التي ألحقتها الحرب في قطاع غزة بالأرواح البشرية، والوضع الإنساني البائس الذي تسببت به، يرافقها دمار واسع النطاق للأنشطة الاقتصادية وسبل العيش. وهذا يضاعف من معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية ويتسبب بتعريضهم للمزيد من المخاطر”.
ولا تتوقف الخسائر على مستوى تعطل الأعمال وارتفاع نسب البطالة، وبحسب إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في غزة على صفحتها على فيس بوك؛ فقد ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي الى 38443 قتيلًا، و 88481 إصابة منذ السابع من أكتوبر الماضي. وما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول اليهم.
What i do not realize is in fact how you are no longer actually much more wellfavored than you might be right now Youre very intelligent You recognize thus considerably in relation to this topic made me in my view believe it from numerous numerous angles Its like men and women are not fascinated until it is one thing to do with Lady gaga Your own stuffs excellent All the time handle it up
Attractive section of content I just stumbled upon your blog and in accession capital to assert that I get actually enjoyed account your blog posts Anyway I will be subscribing to your augment and even I achievement you access consistently fast
Excellent blog here Also your website loads up very fast What web host are you using Can I get your affiliate link to your host I wish my web site loaded up as quickly as yours lol
you are in reality a good webmaster The website loading velocity is amazing It sort of feels that youre doing any distinctive trick Also The contents are masterwork you have done a fantastic job in this topic
Your writing has a way of making even the most complex topics accessible and engaging. I’m constantly impressed by your ability to distill complicated concepts into easy-to-understand language.
Thank you I have just been searching for information approximately this topic for a while and yours is the best I have found out so far However what in regards to the bottom line Are you certain concerning the supply
I was suggested this web site by my cousin Im not sure whether this post is written by him as no one else know such detailed about my trouble You are incredible Thanks
I do trust all the ideas youve presented in your post They are really convincing and will definitely work Nonetheless the posts are too short for newbies May just you please lengthen them a bit from next time Thank you for the post
Temp mail This was beautiful Admin. Thank you for your reflections.
hiI like your writing so much share we be in contact more approximately your article on AOL I need a specialist in this area to resolve my problem Maybe that is you Looking ahead to see you
Just wish to say your article is as surprising The clearness in your post is just cool and i could assume youre an expert on this subject Fine with your permission allow me to grab your RSS feed to keep updated with forthcoming post Thanks a million and please keep up the enjoyable work
My brother suggested I might like this blog He was totally right This post actually made my day You can not imagine simply how much time I had spent for this info Thanks
Thanks I have just been looking for information about this subject for a long time and yours is the best Ive discovered till now However what in regards to the bottom line Are you certain in regards to the supply
Thank you for the good writeup It in fact was a amusement account it Look advanced to far added agreeable from you However how could we communicate
you are in reality a just right webmaster The site loading velocity is incredible It seems that you are doing any unique trick In addition The contents are masterwork you have performed a wonderful task on this topic
My brother suggested I might like this blog He was totally right This post actually made my day You can not imagine simply how much time I had spent for this info Thanks
Nem sei como vim parar aqui mas achei ótimo esse post não sei quem você é mas com certeza você está indo para um blogueiro famoso se ainda não o é.
Obrigado pelo artigo auspicioso Na verdade, foi uma conta de diversão, parece avançado para mais agradável de sua parte. A propósito, como poderíamos nos comunicar
of course like your website but you have to check the spelling on several of your posts A number of them are rife with spelling issues and I in finding it very troublesome to inform the reality on the other hand I will certainly come back again
Wow superb blog layout How long have you been blogging for you make blogging look easy The overall look of your site is magnificent as well as the content.
Attractive section of content I just stumbled upon your blog and in accession capital to assert that I get actually enjoyed account your blog posts Anyway I will be subscribing to your augment and even I achievement you access consistently fast.
Vitazen Keto Gummies I do not even understand how I ended up here, but I assumed this publish used to be great
Real Estate For the reason that the admin of this site is working, no uncertainty very quickly it will be renowned, due to its quality contents.