تتميز بعض الدول العربية وعلى رأسها مصر، ببعض الموروثات الشعبية، التي أصبحت مع مرور الوقت عادات وتقاليد تعرف بها الشعوب، منها ما استمر حتى الآن وبعضها اندثر مع تطور الثقافات في المجتمعات، من ذلك ما كان يحدث في “ليلة الدخلة”، وهي الليلة الأولى بين رجل وامرأة جمعهما عقد شرعي، يلتقيان فيها بجسديهما.
"بيضت الشاشة يا عروسة"
البداية من مصر، التي يتمسك أهلها بالعادات والتقاليد بدرجة كبيرة، ومنها ما يتعلق بـ”ليلة الدخلة” من أمور كشفها أحمد أمين في مؤلفه “قاموس العادات والتقاليد والتعابير الشعبية”، بعد أن عرف الليلة بقوله: “هي التي يبني (يدخل) فيها العريس بالعروس”، موضحا أنه كان شائعا عند الفلاحين أن يتصل الرجل بزوجته في ليلة الدخلة، لاطمئنان أهلها على سلوكها، ودليل ذلك أنهم يعلنون عن سبق طهارتها ببقاء بكارتها (غشاء البكارة) إلى اليوم (ليلة التقائها بزوجها)، فيخرج أبوها بشاشة ملوثة، ويصيح هو وأهلها: “بيضت الشاشة يا عروسة”، ويغني النساء أيضا:
شرفت أهلك يا عروسة.. عليت رأس أبوك يا عروسة.. حلق في ودانك يا عروسة
لم يكن الأمر يتوقف عند هذا الحد، لكن كما يذكر الأديب توفيق الحكيم في مؤلفه “ليلة الزفاف”، جرت عادة في قرى الأرياف أن تجتمع النساء على الباب ساعة التقاء الرجل بالمرأة، يصفقن ويغنين ويهللن، حتى ينتهي الأمر؛ فإذا تأخر عنهن الخبر غنين: “مرسالك غاب يا وردة”، فإذا علمن انتهاء الموقف (دخول الرجل بزوجته)، زغردن، ويكون معهن رجل ببندقيته فيطلقها في الفضاء إيذانا بالانتهاء.
ويصف إبراهيم فريد في مؤلفه “شفاعمرو: فسطاط السلطان صلاح الدين الأيوبي”، هذا الأمر بـ”البذاءة”، موضحا: “لكن أكثر العادات بذاءة حين يتجمع أهل العروسين على الباب ليلة الدخلة، وتكون أم العريس قد أعطت ابنها منديلا من الحرير ليغمسه في دم العروس بعد فض بكارتها، علامة كونها بكرة طاهرة”.
الأمر بهذا الشكل المذكور كان يضع العريس في حرج، بسبب استعجال أهله في الاطمئنان على فحولته، وكذلك في المقابل أهل عروسه للاطمئنان على سلوكها، ما جعل بعض فلاحي مصر يخترعون ما يسمى بـ”الدخلة البلدي”.
الدخلة البلدي ترفع الحرج عن العريس
ويعرف الروائي عمر طاهر، الدخلة البلدي، في مؤلفه “ألبومات عمر طاهر الساخرة”، بقوله: “هو اختراع شائع في الفلاحين يعفي العريس من أي حرج متوقع في ليلة الدخلة، وتتم الاستعانة فيه بإمرأة عجوز (تسمى في مصر الداية)، تفض بكارة العروس بنفسها؛ لتعلن للحضور أن (كله تمام).
وقد يفض العريس بنفسه غشاء البكارة بإصبعه، كما روت الكاتبة الراحلة نوال السعداوي، في الجزء الثاني من مؤلفها “أوراقي.. حياتي”، من واقع ما رأته بشأن ليلة الدخلة، في أرياف مصر التي عاشت بها، بقولها: “ليلة الزفاف تفض بكارة العروس بإصبع الداية أو العريس، يشق بظفره المدبب غشاء البكارة، يتلقى الدم الأحمر فوق البشكير الأبيض، يرفعه عاليا لتراه العيون المجتمعة في الحفل، تنطلق الزغاريد من حلوق النساء، يرفع والد العروس رأسه في زهو، لم يعد له زهو في حياته إلا دم ابنته العذراء، إن لم ينزف الغشاء ليلة الزفاف يضيع شرف الرجل، لا يسترد إلا بإراقة دم ابنته (قتلها)”.
ويحكي المؤلف ياسر بكر في كتابه “حكايات من زمن الخوف – الجزء الأول”، تفاصيل المشهد في ليلة الدخلة كاملا، بقوله: “وفي ليلة الزفاف تزف العروس إلى دار عرسها، وتبدأ مأساة فض بكارة العروس؛ إذ تقوم الداية بالمهمة باستخدام إصبعها الملفوف بالمنديل، تساعدها سيدتان تمسكان بالعروس بشدة، وبعد فض البكارة بتلك الوحشية، يؤخذ المنديل المستخدم وبه آثار الدماء، ويطوف به أهل العروس القرية معلنين عن شرف البنت الذي لم يمس”.
وربما يزيد البعض في ذلك الأمر فيعدون بدل المنديل الواحد، اثنين ملطخين بالدماء، أحدهما يطوف به الرجال شوارع القرية، وآخر تطوف به النساء وهن يرددن أغنية:
يا أبو الجدايل يا قصب.. عندنا فرح واتنصب.. خد المنديل بدمها.. ونزل يفرج عمها.. قولوا لأبوها إن كان جعان يتعشى.. يركب حصانه وفي البلد يتمشى.. قولوا لأبوها الدم عبى الفرشة "ملأ الفراش".. قولوا لأبوها إن كان تعبان يرتاح.. قفل متربس وجاله المفتاح.
أما المنديل الآخر فيحمله رجال العائلة على أطراف النبابيت (عصا كبيرة طويلة معروفة في مصر)، في خطوات أقرب إلى الهرولة (المشي بسرعة)، ويتقدمهم بعض حملة مشاعل النار على الشماريخ، وهم يتغنون بالأغنية:
يا برسيم على أول حشة .. جيت أحشه لقيته لسه
ويعقب ياسر بكر على ذلك بقوله: “كانت الغنوة ترمز مجازا إلى البكارة، والشرف المصان الذي لم يمس”، لكنه بعد ذلك يلفت الانتباه إلى كمية الدم التي كانت تظهر على المناديل المذكورة رغم كبر حجمها، الذي يصل في بعض الأحيان إلى 5 أمتار، مستبعدا أن يخرج ذلك كله من المرأة.
يقول “بكر” من واقع مشاهدته لما كان يحدث في أرياف مصر: “كان يستوقفني كم الدماء التي تلطخ المنديل الذي يتراوح طوله من ثلاثة أمتار إلى خمسة، ما دفعني إلى مناقشة الأمر مع أحد الأطباء، الذي أكد لي أن هذا مستحيل من الناحية الطبية، إلا في حال النزيف، وتلك كارثة طبية، وأوضح أن (دماء المنديل على تلك الصورة ما هي إلا دم دجاجة أو أرنب مذبوح).
في الأردن والمغرب.. الأقارب ينتظرون أيضا
لم يختلف الأمر كثيرا في الأردن عن شقيقتها مصر، وإنما كما يروي المؤلف محمود سمرة، في كتابه “إيقاع المدى – سيرة ذاتية“، لا بد في ليلة الدخلة أن يخرج العريس بعد دخوله بالعروس، ليعلن للمنتظرين في الخارج أنه قد أتم واجباته الزوجية، وذلك بإعلان وجود دم البكارة على قطعة قماش بيضاء، عندها يأخذ المنتظرون بالتصفيق مبتهجين؛ لأن هذا يثبت رجولة العريس.
ويؤكد عبدالله رضوان، في مؤلفه “الرواية الأردنية على مشارف القرن الواحد والعشرين – دراسات تطبيقية”، هذا الطرح، فيقول: “ليلة الزفاف والدخلة يجب على العريس أن يثبت عذرية عروسه، وذلك بوضع الدم النازف بفعل فض البكارة على منديل أبيض؛ للتأكيد على عذريتها”.
ويتحدث الدكتور المغربي الجيلالي الغرابي، عن غشاء البكارة، في مؤلفه “دراسات في الثقافة الشعبية”، قائلا: “تعتبر العامة دم بكارة العروس رمز عفتها وطهارتها، وصيانتها شرفها، ودليل حسن تربيتها، وكرم حسبها ونسبها”.
ويكشف المؤلف عن عادات أهل دولته في هذه الليلة، فيقول: “قبل أن يلج (يدخل) العريس غرفة الزوجية بالجهة الشرقية من المغرب، يردد أصدقاؤه مرددة تعرف بأغنية (شبايبو)”، متابعا: “وتوضع الفتاة على المحك؛ فأما إن كانت بكرا شرفت نفسها وأهلها، وأثلجت صدر زوجها وأهله، وبعد ذلك مباشرة يحمل منديل تفتيق غشاء البكارة عاليا، ويردد أقارب الزوجين مرددات تعبر عن مدى فرحهم بهذه المناسبة، ومن ذلك قولهم مثلا: شوفوا يا لغزارا *** لا تكولوا هجالة”، ومعني ذلك بحسب الدكتور الجيلالي: “انظروا أيها الشباب العزاب دم بكارة العروس، إنها بكر، وليست ثيبا”.
يشير إلى ذلك أيضا الدكتور غسان عبد الخالق في مؤلفه “المرأة التجليات وآفاق المستقبل”، قائلا: “كلنا يعلم أنه في جزء من المجتمعات المغربية في ليلة الدخلة يقف الناس صفا بجوار غرفة العروس وينتظرون من الرجل أن يثبت رجولته، بما فيه الكفاية، ليفض بكارة المرأة”.
من ناحية أخرى، يجيب الدكتور المغربي حسن ريوش بلحسن، في مؤلفه “التراث الشعبي وأهميته التاريخية من خلال نماذج من الأمثال والعادات والطقوس”، عن سؤال قد يتبادر إلى الأذهان، وهو ماذا يفعل العريس إذا وجد عروسه على غير ما يريد؟، فيقول: “العريس الذي كان يريد أن يستر عروسه ويحافظ عليها إذا كانت ثيبا، كان يستعمل ماء الطماطم (القوطة)، أو يجرح أصبعه أو مكان ما من جسمه أو جسم عروسه، ويضع الدم على القميص ثم يخرج به، لكن التجربة كانت تمكن البعض من اكتشاف الحقيقة؛ لأن دم البكارة له لون ورائحة مميزين”.
في فلسطين ولبنان .. العروس تحتفظ بالدم على منديل أبيض
وفي فلسطين لم يختلف الأمر أيضا عن سابقه، إذا تسمى الليلة الأولى من الزواج بـ”ليلة الدخلة”، ومن الأهمية بالنسبة لأهلي العروس والعريس، أن تكون الأولى لا تزال بكرا، كما أن تحتفظ بدم بكارتها على منديل أبيض لتريه لأمها وحماتها وقريباتها عندما يحضرن في اليوم التالي، أو ما بعده، وفقا لما ذكره يوسف أيوب حداد في كتابه “المجتمع والتراث في فلسطين: قرية البصة”.
اتفقت معظم الدول العربية في عادات ليلة الدخلة على "المنديل الأبيض الملطخ بالدماء"
وعلى ما يبدو أن معظم الدول العربية، اتفقت في عادات ليلة الدخلة على “المنديل الأبيض الملطخ بالدماء”؛ إذ يكشف المؤلف إبراهيم محمد عمر في كتابه “هجمات اضطرارية – الجزء الثاني”، عن تفاصيل هذه الليلة في بعض المجتمعات السورية، ومنها مدينة حلب، فيقول: “ليلة الدخلة لها أهمية للفتاة الغجرية (الحلبية)، وأي أهمية لوالدها وإخوانها الرجال؛ فزوجها عندما يدخل عليها يُعطى منديلا أبيض بل ناصع البياض، على أن يخرج بعد (فك بكارتها)، حتى وإن كان بإصبعه، يخرج به في وضح النهار، أحمر ملطخا بالدماء، وهو ينشره بيديه عاليا فوق رأسه، فتأخذ النسوة في الزغاريد، وخصوصا والدتها وأخواتها البنات وصويحباتها ابتهاجا بتأكيد عذريتها”.
اليمن السعيد كان له من تلك العادات نصيب، ففي بعض المناطق الوسطى، وما زال الأمر ساريا إلى الآن، كان بعضهم يعمد إلى إطلاق الرصاص ليلة دخوله على عروسه؛ للإعلان عن قدرته على فض غشاء البكارة، اعتقادا أن ذلك يؤكد شرف وعفة الزوجة، بحسب صادق الشويع في كتابه “المخيلة اليمنية”.
ويصف اللبناني فؤاد إسحاق الخوري، ممارسة الرجال للجنس بـ”الدفاع عن الشرف والأعراض”، موضحا في مؤلفه “لغة الجسد”، أنه “ضرب من ضروب البطولة المعروفة بليلة الدخلة، أن ينتظر الأهل والعامة إبراز شهادة البطولة بإبراز (دم العذرية) للملأ، وفي هذا الإبراز شهادة تؤكد على عذرية المرأة وحسن تربيتها، كما أنه شهادة لصلاح الرجل وفحولته”.
هل الحيوانات الإناث لديهم غشاء بكاره مثل حيوانات الإناث البشريه؟!ولماذا الرجل لم يخلق بغشاء بكاره أحق له ان يكون لديه شرف مثل انثي تمام وهذا اكبر دليل ان غشاء البكارة ليس دليل علي شرف وأخلاق لو كان دليل او ميزه كان الرجل خلق بيه مثل انثي تمام